1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لاجئون عرب فروا من أوكرانيا..عام من الكفاح للبقاء في ألمانيا

إيمان ملوك
٢٥ فبراير ٢٠٢٣

مر عام على اندلاع الحرب في أوكرانيا وفرار الملايين منها إلى ألمانيا. على عكس اللاجئين الأوكرانيين، واجه النازحون العرب عدة عقبات في طريق إندماجهم في ألمانيا. فما مصيرهم اليوم؟ وما فرصهم في الإقامة والدراسة أوالعمل؟

https://p.dw.com/p/4NlzK
مواطنو دول عربية فروا من أوكرانيا هم من يواجهون صعوبة البقاء في ألمانيا
مواطنو دول عربية فروا من أوكرانيا هم من يواجهون صعوبة البقاء في ألمانياصورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance

في 24 من فبراير/ شباط تحلّ الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا. الحرب التي ألقت بظلالها على العالم، غيرت مصير ملايين الفارين من أوكرانيا. وفق بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني فإن نحو 1.1 مليون شخص وصلوا إلى ألمانيا من أوكرانيا في عام 2022، وهو ما يتجاوز تدفق المهاجرين من الشرق الأوسط بين عامي 2014 و2016.

باستثناء أولئك الذين عادوا إلى أوكرانيا، بلغ عدد المهاجرين الأوكرانيين إلى ألمانيا 962 ألفا خلال العام الماضي. رقم جعل من الأوكرانيين بحلول تاريخ أكتوبر/ تشرين الأول 2022 ثاني أكبر جالية أجنبية في ألمانيا بعد الأتراك.

يتواجد حالياً في ألمانيا حوالي 38 ألف لاجئ من أوكرانيا لا يحمل الجنسية الأوكرانية.اعتباراً من 24 سبتمبر/ أيلول، تلقى حوالي 14.400من مواطني الدول الثالثة الفارين من أوكرانيا في ألمانيا حماية مؤقتة بموجب قانون الهجرة واللجوء.

إذ أن هذه الفئة من خارج الاتحاد الأوروبي لا تستطيع الحصول على تصريح إقامة داخل الاتحاد الأوروبي مثل المواطنين الأوكرانيين، إلا في حالة توفرهم على تصريح إقامة دائمة في أوكرانيا أو لا يمكنهم العودة بشكل آمن إلى بلدهم الأصلي.

أولى العقبات أمام هذه الفئة!

بفضل توجيهات الحماية المؤقتة للاتحاد الأوروبي، تلقى الأشخاص الفارون من الحرب في أوكرانيا بشكل تلقائي حماية مؤقتة لمدة تصل إلى ثلاث أشهر، بما فيها من تصريح إقامة والحصول على السكن والمساعدة الطبية والتوظيف والرعاية الاجتماعية، وتحولوا إلى لاجئي الحرب دون أن يضطروا إلى الخضوع لإجراءات لجوء مطولة، وكان المخطط بشكل أساسي أنه يُسمح للجميع بدخول دول الاتحاد الأوروبي بغض النظر عن جنسيتهم، وبينما كان من السهل نسبياً على الأوكرانيين الحصول على تصريح إقامة، إلا أنه كان أكثر تعقيداً للأشخاص الذين لا يحملون الجنسية الأوكرانية أو الإقامة الدائمة في أوكرانيا.

مسكن طالب في مدينة خاركوف الأوكرانية بعد تعرضه للقصف الروسي.
مسكن طالب في مدينة خاركوف الأوكرانية بعد تعرضه للقصف الروسي.صورة من: Privat

ولهذا لم يحظى كل من فر من أوكرانيا بنفس فرصة البقاء في إحدى دول الاتحاد الأوروبي. في ألمانيا سمح لرعايا الدولة الثالثة الذين كانوا في أوكرانيا بالدخول والإقامة لفترة محدودة. وبعدما انتهى الحل المؤقت للاجئين غير الأوكرانيين الذين ليس لديهم تأشيرة في 31 أغسطس/آب، فقط 3 ولايات ألمانية: برلين وبريمن وهامبورغ وجدت حلاً انتقالياً، خاصة مواطني الدول الثالثة الذين كانوا يتابعون دراستهم في أوكرانيا، مما مكن كثيرن منهم من البقاء في ألمانيا لمدة ستة أشهر أخرى.

 لكن مع بداية سبتمبر/ أيلول 2022 ودخول إجراءات جديدة حيز التنفيذ بموجب ما يسمى بمرسوم الإقامة الأوكراني، لم يحصل العديد من مواطني الدول الثالثة على تصريح إقامة وبالتالي أصبحوا ملزمين بشروط معينة أو مغادرة ألمانيا.

في دوامة مصير مجهول يعيش عدد كبير من الفارين من أوكرانيا من الدول الثالثة، وبالأخص الطلبة مثل الطالب المغربي مهدي (اسم مستعار). إذ على الرغم من مرورعام على وصوله ألمانيا، لم يتنسى له تسوية وضعه القانوني ومواصلة دراسته، كما صرح لـDWعربية. "على الرغم من تعلمي اللغة الألمانية ومتابعة دارستي في الطب عن بعد بالجامعة الأوكرانية، إلا أنه تم رفض منحي إقامة للبقاء في ألمانيا ومواصلة دراستي. بل على العكس من ذلك، فقد تم حرماني من المعونة الإجتماعية وصرت مهدداً بالترحيل والطرد من كافة أوروبا في أي وقت". لحظة تقديمه طلب الحصول على تصريح إقامة في ألمانيا، أشار الطالب المغربي إلى أن السلطات الألمانية طلبت منه تقديم أسباب تحول دون عودته "الآمنة" إلى بلده الأصلي، ولكن مهدي لا يملك أي سبب يمنعه من العودة.

في المقابل لا يواجه الطلبة الفارون من أوكرانيا و المنحدرون من بلدان مثل سوريا و اليمن وأفغانستان وإريتريا، نفس الصعوبات للحصول على تصريح إقامة للبقاء ومواصلة دراستهم في ألمانيا. وذلك راجع إلى أن عودتهم إلى بلدان الأصلية غير "آمنة" بموجب المادة 24 من قانون الإقامة. لهذا تمكن عدد من الطلبة المنحدرون من هذه البلدان من تسوية وضعهم ومواصلة دراستهم في ألمانيا بشكل قانوني.

تفاوت في التعامل مع اللاجئين

رافقت الناشطة الحقوقية في ألمانيا، الأستاذة  هناء الخميري، العديد من حالات الفارين من أوكرانيا إلى ألمانيا. وبحسب ملاحظاتها، وجدت أن "القادمين من بلدان شمال إفريقيا الفارين من أوكرانيا لا يتمتعون بنفس المعاملة  في ألمانيا مثل الأوكرانيين أو فئات أخرى منها السوريين القادمين من أوكرانيا أو أشخاص متزوجون من أوكرانيا أو في علاقة مساكنة فقط". وتابعت الخميري في تصريح لـ DW عربية أن:"هؤلاء لا تواجههم صعوبات على المستوى القانوني".

وانتقدت الناشطة الحقوقية تعامل بعض الموظفين بمكاتب الهجرة واللجوء مع بعض الحالات التي قد أصبح مصيرها مرتبطاً بـ "الحالة المزاجية" للموظف. كما أشارت إلى عدم توفر "قانون" يخص الفارين من أوكرانيا والذين ينحدرون من المغرب والجزائر وتونس.

من جانبه انتقد المحامي الألماني التونسي، مهدي العبيدي، بشدة ما وصفه بـ "التعامل السلبي" للسلطات الألمانية مع ملفات اللاجئين من بلدان عربية سواء كانوا مقيمين أو طلبة في أوكرانيا لحد الآن. وأشار إلى أن "أكثر المتضررين" من هذا التعامل الآن هم الطلبة المنتمين إلى بلدان شمال إفريقيا. وأوضح في تصريح لـDWعربية: "السلطات الألمانية تتعامل بحذر مع الطلبة الأجانب. لأن هناك قوانين لم تتبلور بعد". وتابع: "على الرغم من وجود مبادرات فردية أخذت بعين الإعتبار وضع هذه الفئة، إلا أن الكثير من الطلبة مهددون بالترحيل ".

لكن ما يفسر سبب التفاوت في التعامل مع ملفات اللاجئين من دول شمال إفريقيا مقارنة بغيرهم من اللاجئين هو أن بلدانهم تصنف ضمن خانة "البلدان الآمنة" وفق ما أوضح متحدث باسم المكتب الإتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين (BAMF)  لـDW عربية أنه "بموجب المادة 24 من قانون الإقامة، تمنح ألمانيا إقامة الحماية المؤقتة للأشخاص عديمي الجنسية ومواطني دول العالم الثالث، الذين كانوا يقيمون بشكل قانوني في أوكرانيا ولا يستطيعون العودة بأمان وبشكل دائم إلى بلدانهم الأصلية، و لم يكونوا في أوكرانيا فقط لإقامة قصيرة مؤقتة".

 

حالياً يمكن أن يتقدم مواطنو الدول الثالثة الذين لم يحصلوا على تصريح إقامة بموجب المادة 24 من قانون الإقامة بطلب للحصول على تصاريح إقامة أخرى. على سبيل المثال، تصريح إقامة بغرض الدراسة أو طلب إنساني بعد الخضوع لإجراءات اللجوء. في ولايتي سكسونيا السفلى وفستفاليا شمال الراين، تم منح الطلبة إقامة مؤقتة لمدة عام واحد بموجب مرسوم قانوني.

وفق مسح أجراه المعهد الألماني لأبحاث سوق العمل والتوظيف، فإن ما يقرب من اثنين في المائة من الشركات الألمانية قد قامت بتوظيف لاجئ واحد على الأقل قادم من أوكرانيا في الربع الثالث من عام 2022 - بما في ذلك الشركات الكبرى التي تضم 250 موظفاً  فما فوق. وشغل هؤلاء اللاجئين معظم الوظائف في قطاع الخدمات والتصنيع والإدارة العامة.

يتمتع اللاجئون من أوكرانيا بمستوى تعليمي عالِ مقارنة باللاجئين الآخرين ومقارنة بعدد السكان في ألمانيا. أي ما يقرب من ثلاثة أرباعهم (72 في المائة) يعتبرون "مؤهلين تأهيلا عاليا"، أي أنهم حاصلون على درجة جامعية أو شهادة  مهارات تقنية.

في أوكرانيا عمل عدد كبير نسبياً من النساء في المهن الأكاديمية أو التقنية أو الطبية - أي في المجالات التي يوجد فيها نقص كبير في الموظفين في ألمانيا. ما يجعل البحث عن وظيفة أسهل. لكن ماذا عن اللاجئين العرب؟

اللغة ورقتهم الرابحة

خلال العام الماضي عملت الخبيرة في شؤؤن الإندماج وأستاذة اللغة الألمانية، عائشة مفيد، على توجيه اللاجئين العرب القادمين من أوكرانيا، للطريق الصحيح نحو الإندماج في ألمانيا.اللغة من أهم التحديات التي واجهت هذه الفئة، كما أوضحت في تصريحها لـDWعربية. "وجد هؤلاء أنفسهم أمام إجراءات وقوانين متعلقة بالسكن والدراسة والعيش بصفة عامة بلغة لا يفهمونها. كما كان التخوف من العودة إلى البلد الأصلي دون إكمال الدراسة يرافق الطلبة منهم بالأخص المنتمين لدول شمال إفريقيا".

التحدي الأكبر بدأ بعد إنقضاء فترة الحماية المؤقتة والتي امتدت 90 يوماً، بحسب مفيد."لقد كانت هناك تساؤلات كثيرة سواء لدى الموظفين أو اللاجئين حول كيفية تعامل السلطات الألمانية مع هذه الفئة المنتمية لبلدان شمال إفريقيا. مع العلم أن سلطات بعض الولايات لم تكن على دراية تامة بهذا القانون من الحماية الذي طبق أول مرة مع موجة اللجوء من أوكرانيا".

الطلبة من دول ثالثة الذين فروا من أوكرانيا يجدون صعوبات لمتابعة دراستهم في ألمانيا
الطلبة من دول ثالثة الذين فروا من أوكرانيا يجدون صعوبات لمتابعة دراستهم في ألمانياصورة من: Christoph Hardt/Geisler-Fotopress/picture alliance

"كان علي أن أشرح للطلبة هذه القوانين وأساعدهم على كتابة طلبات وتفادي تقديم طلب للجوء السياسي الذي هو معقد في حالتهم ولا يمنح الحق في الدراسة وأوجههم في تحديات السكن". تقول مفيد وتضيف "كنا عدة مجموعات من أجل تعميم  الإستفادة من المساعدة الإنسانية".

بعد التوجيه والتعرف على مسار الحياة في ألمانيا، تمكن كثيرون من اتباع الإجراءات القانونية وكان أولها التسجيل من أجل تعلم اللغة الألمانية والتواصل مع مكاتب التكوين المهني أو الجامعات. وعن نصيحتها للاجئين العرب القادمين من أوكرانيا إلى ألمانيا وللطلبة منهم على وجه الخصوص، قالت أستاذة اللغة الألمانية: "كنت دائما أوضح للطلبة مدى أهمية تعلم اللغة الألمانية للإندماج في المجتمع الألماني وكذلك ولوج سوق العمل وأنهم أمام فرصة الحصول على مقعد بالتكوين المهني أو الجامعة في ظل وجود نقص في اليد العاملة في ألمانيا". و تابعت مفيد سرد حالات نجحت في الإندماج  خلال هذا العام: “تمكن كثيرون من التعاقد مع شركات للتكوين المهني أو إيجاد فرص عمل أخرى وتسوية وضعهم القانوني والإنتقال من وضع الحماية المؤقتة إلى الإقامة بغرض العمل أو الدراسة في ألمانيا".

في المقابل ترى مفيد أن مواصلة الدراسة في ألمانيا للطلبة من الدول الثالثة، لا تزال خاضعة إلى شروط "صعب على كثيرين تلبيتها في البداية. وأبرزها إثبات أن لديهم حوالي 10 آلاف يورو في حساب مصرفي مغلق لإثبات قدرتهم على إعالة أنفسهم. كما تتطلب معظم الجامعات في ألمانيا أيضاً مستوى عالٍ من اللغة الألمانية (C1) وشهادة لإثبات ذلك. ولهذا تنصح الخبيرة في شؤون الإندماج "بالبدء بتكوين مهني بإحدى مجالات الطب مثلا، وبعدها يمكنهم مواصلة الدراسة وضمان مستقبلهم في ألمانيا".

 ومن جهتها تنصح الناشطة الحقوقية هناء الخميري، الأشخاص الذين لم يتم تسوية وضعهم القانوني في ألمانيا بعد، وبالأخص الطلبة منهم، بـ " تعلم اللغة الألمانية وتطوير مهاراتهم وعدم الإعتماد على المساعدات الإجتماعية فقط، لأن البلد يحتاج لمن يقدم له، لا لمن يأخذ منه فقط".

إبمان ملوك